يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
محاضرة عن القرآن والسنة
6198 مشاهدة
محاضرة عن القرآن والسنة

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
واجبنا تجاه القرآن والسنة التعلم والعمل والاتباع، لا شك أن الكتاب الذي أنزله الله -تعالى- على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو القرآن الذي تكفل الله -تعالى- بحفظه والذي جعله آية ومعجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والذي أعجز أهل زمانه؛ وأعجز الأمة أن يأتوا بمثله أو يعارضوه والذي مدحه الله تعالى بعدم التناقض وبعدم الاختلاف، فنذكر بعض الأدلة على قول القرآن وكذلك على قول السنة، ثم نذكر ما يجب على المسلم من تعلمه كتاب ربه -تعالى- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ثم نذكر ما يجب عليه بعد ذلك من العمل والتطبيق رجاء أن يعرف كيف يتعلم وكيف يعمل .
لا شك أن كلام الله -تعالى- أشرف الكلام ؛ وذلك لأنه كلام الله -تعالى- والكلام يشرف بشرف من تكلم به، فهو كلام الله الذي أنزله على قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكره بقوله تعالى : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ المراد هذا القرآن فهو أشرف الكلام وأفضله، وقد ذكر الله -تعالى- فضله وذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقسم الرب -سبحانه وتعالى- بقوله: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
أقسم بأنه كتاب كريم أي هذا القرآن كريم على الله -تعالى- ويجب أن يكون كريما على الأمة أن يعرفوا كرمه، وأن يعرفوا فضله وأن يعترفوا بفضله وبما فيه، وأن يعترفوا بعد ذلك بوجوب اتباعه والسير على نهجه، وذكر أنه في كتاب مكنون، وأنه لا يمسه إلا المطهرون، وأنه تنزيل من رب العالمين، ولما كان منزلا من الله -تعالى- تكلم به حقا كان له الفضل كان له المنزلة الراقية الرفيعة، كان أفضل كلام فيجب أن يعتني به المسلمون، وأن يهتموا بقراءته وأن يعرفوا مكانته، كذلك أخبر بأنه لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وأنه منزل من رب العالمين؛ وهذا يدل على فضله -يعني: أنه لا يمسه إلا طاهر-.
هكذا ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يمس القرآن إلا طاهر وعمل بذلك الصحابة -رضي الله عنهم- فكانوا إذا أحدث أحدهم أمروه بأن يجدد الوضوء لمس القرآن وذلك لفضله، ودليل على مكانته وشرفه أن لا يمسه إلا وهو طاهر متوضئ؛ ليشعر بذلك على عظمة هذا القرآن، وأنه أشرف كلام، وأنه أشرف كتاب أنزل على أشرف نبي من أنبياء الله -تعالى- كلفت به أشرف الأمم التي هي هذه الأمة المحمدية، أخبر بأنه تنزيل من رب العالمين؛ يعني: منزل من الله -تعالى- وفي آية أخرى: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ يعني: أنه منزل من الله -تعالى- وأنه لو افتراه لعاقبه الله.
ولذلك قال تعالى: أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ يعني تدهنون يعني: تكذبون، وكذلك يقول الله -تعالى- فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ يعني: تبليغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي هو كريم على الله -تعالى- وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ لما قالوا: إن محمدا شاعر؛ الله -تعالى- أخبر بأنه ليس من أهل الشعر بقوله: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ يعني: هذا القرآن الذي أنزله الله -تعالى- ليس هو بشعر ولكنه ذكر وقرآن مبين ليس قول شاعر، فالشاعر غالبا أنه يغالي وأنه يذكر شيئا لا حقيقة له.
كما قال -تعالى- وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ نزهه الله عن أن يكون كاهنا: وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ كذلك أيضا ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر بفضل هذا القرآن وبمنزلته، وأنه أفضل الكتب فأخبر بأن فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وأنه الفصل ليس بالهزل وأن من تركه من جبار قصمه الله، وأن من ابتغى الهدى من غيره أضله الله وأنه الذي لم تنته الجن عندما سمعوه بل قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ هكذا حكى الله -تعالى- عن الجن إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وفي آية أخرى أنهم قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ .
هذه هي صفات كلام الله-تعالى- يهدي إلى الحق وذكره الله تعالى بقوله: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا والأدلة على فضل القرآن كثيرة تؤخذ من الآيات وتؤخذ من الأحاديث.